04 سبتمبر 2009

هل هو الخوف من الدبلوماسية؟

عندما أعرب الرئيس باراك أوباما لأول مرة عن رغبته في إشراك إيران في الحوار دون شروط مسبقة، بعث ذلك
برسائل صادمة للدوائر المحافظة في الولايات المتحدة، وهو ما أثار حفيظة منتقديه واصفين إياه بالساذج وعديم
الخبرة. ولكن هل كان لهذه التصريحات تأثير فعلي في إيران؟
وقد أخذ البعض في الترويج لفكرة أن تلك التصريحات كان لها أثر فعلي، وكانت في الواقع عاملاً مساهماً في إحداث
الصراع الداخلي والأزمة التي بدأت في 12 من شهر يونيو في إيران.
إذن من أين يمكن للمرء أن يبدأ؟ كيف يمكن للمرء أن يربط بين الأمرين؟
وللتوصل لإجابة على هذا التساؤل، ينبغي البحث أولاً في العلاقة بين إيران والولايات المتحدة، ثم النظر في
الأسباب الداخلية الكامنة وراء الأزمة الأخيرة في إيران.
ويمكن القول بأن هناك صلة بين الأمرين، على الرغم من أنه قد يكون من الصعب إقامة علاقة سببية مباشرة لأن
هذه العلاقة بالغة التعقيد. ومن شأن ذلك أن يساعد في محاولة العثور على الأحداث والاتجاهات الأكثر تأثيراً والتي
تداعت متسببةً في إحداث الأزمة الأخيرة، ونأمل أن نحدد بدقة ماهية تأثير التغييرات السياسية التي استحدثها أوباما
في علاقته بإيران، وذلك إن وجدت.
لقد تحسنت العلاقة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة؛ حيث تجرى محادثات بينهما في الوقت
الراهن وذلك للمرة الأولى منذ ما يقرب من 30 عاماً. هذه ليست سوى الخطوة الأولى، وهي واحدة من النقاط
المضيئة الوحيدة في السنوات الخمس الماضية.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قد قدم عدة مبادرات، ملمحاً إلى أن حكومة الولايات
المتحدة تكذب على شعبها ولم تخبر مواطنيها بحقيقة أحداث 11 سبتمبر، وفي عام 2006، دعا الرئيس جورج
دبليو بوش آنذاك إلى إجراء مباحثات بشأن البرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي رفضه المتحدث باسم البيت
الأبيض توني سنو جملة وتفصيلاً.
كانت لدى الولايات المتحدة ادعاءات خاصة بها، مفادها أن طهران تدعم المسلحين الشيعة داخل العراق .
لذا، إذا كان أحمدي نجاد يريد إقامة الحوار مع إدارة بوش، فلماذا يتهرب من إجراء المحادثات مع إدارة أوباما؟
ولعل تصريحات أوباما التي تصل إلى إيران تتناسب مع ما أبداه أحمدي نجاد من رغبة في إقامة حوار مفتوح مع
الولايات المتحدة. ويبدو الآن أن هذا كان مجرد محض كلام.
أما فيما يتعلق بالأسباب الداخلية للأزمة في إيران، فهناك العديد من الضغوط التي تعمل ضد أحمدي نجاد، من بينها
ارتفاع معدلات البطالة والتضخم منذ توليه الرئاسة في عام 2005. كما أن إيران ليست في منأى عن الأزمة المالية
العالمية، ناهيك عن المشاكل الاقتصادية الضخمة في البلاد، حيث يعيش واحد من كل خمسة مواطنين تقريباً تحت
خط الفقر، وهو ما أشعل جذوة الانتقادات لسياساته الاقتصادية.

ويبدو أن أحمدي نجاد يركز كثيراً على السياسة الدولية والبرنامج النووي الوليد لبلاده، على حساب اقتصاد بلاده
وتحقيق الرفاهية الاجتماعية. وذلك كله فضلاً عن أنه ينبغي للمرء تذكر حقيقة أن التحاور مع الولايات المتحدة يعني
ضمناً التوصل إلى حلول وسط لا يسع أحمدي نجاد ودوائره من المحافظين أن يقدمونها.
نعود للتساؤل، مرة أخرى، هل هناك صلة بين عرض أوباما لتطبيع العلاقات مع إيران والأحداث التي تجري
بداخلها؟
في الغالب، يبدو أن هذا العرض يعتبر بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. وإذا كان هناك خلاف داخلي منذ فترة،
فإن الشعور المتزايد بأن موقف أحمدي نجاد ومعارضته للولايات المتحدة بمثابة تشتيت له عن المشاكل الداخلية،
فربما يكون اقتراح أوباما قد أضعف المنطق الذي استند إليه أحمدي نجاد في سياسته الخارجية وشوه مصداقيته بين
الإيرانيين المعتدلين بشكل كبير.
فهل هذه هي طبيعة مجريات الأمور؟

 

جوردان تايمز، 3 سبتمبر 2009

إيران Leave a comment