09 سبتمبر 2009

عندما يفقد العرب زمام المبادرة

بعد القصف المفاجئ لوزارتي المالية والخارجية في 19 أغسطس، سعت الحكومة العراقية على الفور إلى الرد على
أكثر التفجيرات دموية في تاريخ العراق منذ 18 شهرا. وذلك في ظل انتقاد الكثيرين داخل البلاد لتساهل الأمن مع
هذه التفجيرات، حيث أشاروا أنه كان من السهل جداً على المهاجمين قيادة شاحنة محملة بالمتفجرات داخل بغداد.
في البداية، قامت الحكومة باعتقال قائد شرطة سابق زعم أنه دبر الهجوم بالاشتراك مع البعثيين السوريين، مما أدى
إلى وقوع خلاف دبلوماسي بين العراق وسوريا وسحب البلدان لسفيريهما، وما تزال العلاقات متوترة إثر ذلك. ومن
جانبه، نفى الرئيس السوري بشار الأسد أي تورط لحكومته في هذا الهجوم ووصف الاتهامات بأنها "غير أخلاقية"،
لافتاً إلى أن سوريا تأوي أكثر من مليون لاجئ عراقي.
وقد تبين مؤخراً أن من قاموا بعملية التفجير ربما تلقوا المساعدة من قوات الأمن العراقية. وهذا يفسر كيفية السماح
بمرور الشاحنات عبر نقاط التفتيش الأمنية دون منعها. بالإضافة إلى ذلك، فقد ظهر في التقارير الأخيرة أن
المهاجمين قد تم الإفراج عنهم مؤخرًا من سجن بوكا بالقرب من البصرة، حيث كانوا رهنًا للاحتجاز من السلطات
الأمريكية. غير أن الاعتراف الذي قدمه قائد الشرطة السابق/ وسام علي كاظم إبراهيم يتناقض مع باقي الروايات،
حيث اعترف بتدبير الهجمات بالاشتراك مع البعثيين السوريين.
وقد كان هذا "الاعتراف" بمثابة الدليل القاطع على اتهام العراق بأن سوريا كانت ترعى الإرهابيين العاملين في
العراق، فضلاً عن ادعاء العراق بأن لديها المزيد من الأدلة لدعم اتهاماتها.
وبما أن هاتين الدولتين عربيتان، فمن المنطقي أن تتولى دولة عربية ثالثة دور الوسيط. ومع ذلك، لم تتدخل أي دولة
عربية في ذلك، كما هو متوقع على الأرجح. وبدلاً من ذلك، عملت إيران وتركيا بصفتهما وسيطين لتسهيل عملية
المفاوضات. وقد قامت تركيا بهذا الدور بالرغم من الخلاف المستمر مع كل من العراق وسوريا بشأن حقوق المياه،
في حين تقوم إيران بدور الوسيط في نزاع خارجي على الرغم من أنه لديها الكثير من المشاكل في الداخل.
والجدير بالذكر أنه لا تحظى أي من هذه الدول بوضع مثالي أكثر من الدول العربية لتولي دور الوسيط، فلماذا يوجد
غياب واضح للتدخل العربي في القضية؟
إن عدم وجود وساطة عربية في هذا النزاع يدل بجلاء على الانقسام الحالي بين الدول العربية. وللأسف، هذا الوضع
موجود منذ زمن. حيث في أوائل عام 2009، اضطرت تركيا للعب دور مماثل في صراع غزة، وأيضاً خلال حرب
الصيف بين إسرائيل وحزب الله. ورغم أن مشاركة تركيا كانت بالأمر غير المتوقع، فقد كانت مشاركة إيران في
المفاوضات أمرًا مثيرًا للاهتمام للغاية أيضاّ.
ومن جانبه، كشف وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي عن العلاقات بين طهران ودمشق حيث وصفها بأنها
علاقات استراتيجية، مضيفاً أن هذه العلاقة مهمة في سبيل الحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة. وبالنظر إلى أن
إيران تتعافى من أزمة الانتخابات في 12 يونيو، فقد بدا واضحاً أن إيران تحاول بالفعل إعادة تأسيس دورها في
المنطقة وتعزيز نفوذها.

ويبقى السؤال الأخير وهو، هل تستطيع الدول العربية التوصل إلى اتفاق للمضي قدماً كجبهة واحدة؟ يبدو أن هذا
السؤال المثير للجدل منذ عقود سيظل قائماً.
جوردان تايمز، 10 سبتمبر 2009

سياسات الشرق الأوسط Leave a comment