20 مايو 2009

الثلاثة "D" في سياسات أوباما: ماذا بعد؟

دعت إدارة أوباما مرارًا وتكرارًا إلى مفهوم "الثلاثة D"، والذي يشير إلى ثلاث كلمات وهي الدفاع (Defense) والتنمية
(Development) والدبلوماسية (Diplomacy)، وذلك خلال الأيام المائة الأولى من توليه منصبه كرئيس للولايات المتحدة
الأمريكية، كإطار لتنفيذ استراتيجية الأمن القومي الأمريكي. وشدد الرئيس- في جهوده الدفاعية- على ضرورة إعادة نشر القوات
الأمريكية في أفغانستان بغرض التصدي لحركة طالبان الصاعدة. وفي مجال التنمية، شجعت الإدارة المساعدة الإنمائية الدولية
كوسيلة لتحسين الأزمة الاقتصادية العالمية ومكافحة الفقر في الدول النامية. أما في مجال الدبلوماسية، فقد حرص أوباما على
التعامل الدبلوماسي مع الخصوم الإقليميين، مثل إيران وسوريا، على أمل أن تؤدي الجهود الدبلوماسية المبذولة إلى دفع عملية
السلام في الشرق الأوسط. لكن من الواضح أن ما لم يتطرق له أوباما في خطابه هو الديمقراطية. في حين أن الإدارة السابقة جعلت
من تعزيز العملية الديمقراطية ركيزة أساسية تستند إليها في أجندة سياستها الخارجية، ولكن يبدو أن أوباما قد تجنب هذا المصطلح
في خطابه. ولا يسعنا الآن إلا أن ننتظر لنرى ما إذا كان تعزيز الديمقراطية جزءًا لا يتجزأ من إطار سياسة "الثلاثة D" ولا سيما
إطار التنمية، أو ما إذا كانت الديمقراطية هي ببساطة الغاية النهائية التي يسعى إطار سياسته إلى تحقيقها؟

إن الاستراتيجية التي تقوم على إطار "الثلاثة D" هي ما يطلق عليها نهج "القوة الذكية"، والتي أشار إليها الرئيس أوباما والوزيرة
هيلاري كلينتون مرارًا وتكرارًا. تم تعريف هذه الاستراتيجية على أنها القدرة على استخدام "القوة الناعمة" مع "القوة الصلبة" من
أجل تحقيق أهداف السياسة المرجوة. عمل الرئيس أوباما ونوابه على وضع أسس المشاركة الدبلوماسية في الشرق الأوسط، على
مدى الأشهر القليلة الأولى من توليه مقاليد الحكم، كما عملوا على تعزيز مبادرات التنمية التي تدعم كلاً من "المساعدات ذات
المنظور التنازلي من أعلى إلى أسفل" (المساعدة لحكومات الديمقراطيات الناشئة) والمساعدات "من منظور تصاعدي من أسفل
إلى أعلى" والمتمثلة في (دعم الجهود الشعبية المدنية) في العالم النامي. بالإضافة إلى ذلك، تعيد الإدارة معايرة استراتيجيات الدفاع
عن طريق خفض الإنفاق على برامج الحرب التقليدية، والتوجه عوضاً عن ذلك لصالح مكافحة التمرد والبرامج غير التقليدية، مثل
بناء مهارات العلوم الاجتماعية داخل وزارة الدفاع (DoD). ومع ذلك، لا يسعنا الآن إلا أن ننتظر لنرى ما إذا كان من الممكن
اعتبار هذه الخطوة مناصرة للديمقراطية أم لا؟
ويتضح من "أجندة الحرية" التي وضعها الرئيس بوش، وبالرجوع إلى ترويج جيمي كارتر للديمقراطية "القائم على القيم"، أن كل
من سبق أوباما جعل من الديمقراطية ركيزة أساسية في جداول أعمال سياستهم الخارجية. لذا حتى الآن، ما زال على الرئيس
أوباما أن يوضح بالتفصيل أين هي الديمقراطية بالضبط من خطته الشاملة. وفي حديثه خلال الحملة الرئاسية، قال أوباما "بالتأكيد
يجب علينا دعم الديمقراطية أينما يمكننا ذلك"، ولكن لا يتم قياس الديمقراطية ببساطة من خلال "مدى توجه الأفراد إلى صناديق
الاقتراع". كما أوضح أوباما أنه من الأهمية بمكان بناء المجتمع المدني من أجل دعم مجتمعات قادرة على العمل وتأدية أدوارها
بشكل سليم. مع ذلك، فإنه من غير الواضح اشتراط بناء المجتمع المدني كأساس للنهوض بالديمقراطية، أو ما إذا كان من المقدور
النهوض بهما معًا.
ويبدو أنه ستحدث تغييرات كبيرة في المشهد السياسي والأمني في منطقة الشرق الأوسط خلال العام المقبل، وفي حال تأثرت
مصالح الولايات المتحدة في المنطقة بالسلب، فسيضطر الرئيس أوباما إلى توضيح إطار سياسة "الثلاثة D" الخاص به في
المنطقة والدفاع عنه، وكذلك أين هي الديمقراطية بالضبط من المعادلة، وسيكون لإجابته على هذا السؤال تأثير كبير على صورة
الولايات المتحدة في المنطقة وحول العالم.

سياسات الشرق الأوسط Leave a comment